-A +A
عبدالمحسن هلال
ليس هذا حديثا عن المسلسلات الرمضانية هذا الداء الذي تفشى واستفحل خطره على شباب الأمة، صحيح أنه تطور من حكواتي الأسحار الذي كان ينشد أبناء الحارة أو رواد مقهاها الشعبي بقصص أبو زيد الهلالي وعنترة والزير سالم، ثم مع ظهور المذياع تطور إلى سهرات مسلسل ألف ليلة وليلة، مع ظهور التلفاز تطور أكثر إلى فوازير رمضان وشبيهاتها، ومع تلون التلفاز فرطت السبحة، كيف انتهى أمر تلك الفكرة الطيبة، تسلية ليل الصائم حتى وقت السحور بالطريف المفيد، إلى هذا الفن المبتذل، قضية تستحق دراسات علماء الاجتماع ولا شك.
الغرب الفاجر الفاسق يطبق معايير للفضيلة طوال العام لا تعرفها قنواتنا، إذ برغم آلاف محطاته يمنع فيه عرض مسلسل أو فيلم أو برنامج فيه مناظر أو حديث مخل قبيل الثامنة موعد نوم الأطفال، ثم يتدرج المنع حتى منتصف الليل، فيترك حرا بعد نوم الشباب، وهنا قد أفاجأ بفيلم عربي مبتذل وابنتي بجانبي في أي وقت من نهار، بل حتى قنوات الغرب المعربة والمخصصة للغناء أو تكون لها برامج مثيرة تحترم الشهر الفضيل، فتعلن توقف تلك البرامج وتستبدلها بأخرى أقل غناء وإثارة، وقنواتنا العربية المحسوبة علينا حسب ملاكها لا ترعوي عن استمرار الغناء المبتذل والغثاء طوال الشهر. لا تلوموا أصحاب هذه القنوات وحدهم، بعض المال الخاص مستعد للغوص في الوحل لتحقيق الربح، اللوم يقع في انعدام وجود أنظمة ولوائح تجرم ذلك، وعلى نوعية تربية أبنائنا ثم على الذائقة الفنية العامة للمجتمع.

ما يحير كيف تمكن كثير منا من تحويل ليله إلى نهار، فيقضيه مع مسلسلات مبتذلة وبرامج سطحية، وينام نهاره، وقد يصلي الظهر وينام، ثم يصلي العصر وينام، فيقضي على أية روحانية لرمضان. لا أقول بتحويل التلفاز إلى برامج دينية ونصح وإرشاد، فقط أطالب بقليل من الاحترام لشهر الصيام، أطالب بإلزام الإعلام العربي بكل صوره وأشكاله بتقدير الشهر الفضيل، وتحديدا وزراء الإعلام العرب ليضعوه في شكل قانون ملزم لكل الأطراف.